"أهداب الخشية". . عزف على أوتار افتراضية
تقديم أمال بابا
جريدة الحرية . يوم الأربعاء 13.11.12013
العدد 394
جريدة الحرية . يوم الأربعاء 13.11.12013
العدد 394
منى بشلم في روايتها الأخيرة:
جاء عصر الإنترنيت ومواقع التواصل الاجتماعي لتصبح المشاعر الإنسانية رهينة كبسة زربلوحة المفاتيح، مشاعر يفتحها "طلب صداقة" من قائمة أحدهم وتتطوّر إلى التعليق على كلّ ما ينشرمع الحرص على التأشير بـ "أعجبني" كنوع من التقرب والاهتمام بما يطرح، لتتحوّل المشاعروالأحاسيس إلى علاقات افتراضية في مملكة زرقاء من اختراع "مارك زوكربيرغ".
"(...) هي جربت معي ذلك أو مارسته عليّ، كانت تغلق باب غرفتها وتفتح صفحات الافتراض تعلقعلى حائط الفايس وردة أو أغنية أو كلمة سرقتها للتو من شاعرة رقمية وتنتظر ضغطي على أيقونةالإعجاب لترسل تحية وشكرا للمرور العطر بعباراتها المكررة حد الملل (...) بدأت بإرسالصورتها، ثم بريدها الإلكتروني، ثم رقم هاتفها ليتسلل صوتها إلى تجاويف روحي".
عن الصداقة الافتراضية والحب الافتراضي ومقارنة الشخصيات الكائنة وراء شاشات الكمبيوتربتلك الموجودة في الواقع، عن كلّ هذا كتبت الروائية منى بشلم في إصدارها الأخير "أهداب الخشية"لتروي عن متاهات المشاعر في ظلّ الفضاء الإلكتروني وكيف تقف الشخصيات حائرة بين حقيقةالأحاسيس وغموضها، إذ إنّها لا تعرف طبيعة مشاعرها تجاه الآخر، ولا تعرف حقيقة مشاعر الآخر اتجاهها، تمتاز العلاقات فيها بكثير من الاضطراب، العنف وحتى السخرية، مع الرغبة في إلحاق الألم بالآخر رغم وجود محبة مكبوتة في أعماق الشخصيات.
"(...) وأدمنت الجسد، الصوت.. الحياة مع امرأة ملكتها افتراضا، من بعد شاهق، جنّ له شوقيولهفتي، وتوجعت رجولتي... بجوعها المكبوت الذي لم تفرجه ساعات طوال من المعاشرة الـ ..كيف سأسميها.. الإفتراضية، لم تكن افتراضية فكل شيء كان حقيقيا مع أن كل شيء كان وهميا".
جاءت رواية "أهداب الخشية" في شكل حكايات عدّة حاولت الكاتبة من خلالها تقديم قراءة للمجتمعالجزائري وفق أسلوب ليس بالسهل ويستلزم الكثير من التركيز، غير أنّ الجديد في رواية منى هوأنّ الكاتبة هي إحدى شخصيات النص، صديقة للبطل "ياسر"، بدأت صداقتهما من خلال الفايسبوكلتصبح فيما بعد صديقة وزميلة له في الواقع كونهما يعملان في المدرسة العليا للأساتذة، يحكي"ياسر" لصديقته "الافتراضية والحقيقة في آن واحد" عن قصّة جمعته بمغنية قسنطينية الأصل مقيمةبالعاصمة. تُقرّر صديقة البطل السفر إلى المغنية "ذرية" لتسمع نسخة أخرى من القصّة التي بدأتعلى صفحات الفايسبوك ولم تكتمل، لتقرر فيما بعد كتابة قصّتهما وفق ما سمعته من الطرفين في "شكل أهداب متجاورة متلامسة بدون أن تمتزج وفي التشابك جمالها لتبني مدينة روائية مشابهة للمدينة الحلم قسمطينة بأقواسها المتتالية والملتحمة دون تماس".
وعن تصوير علاقات الرواية، فقد جاءت في غالبها بلغة شاعرية بعيدة تماما عن الإفصاح.
أمال بابا
تعليقات
إرسال تعليق