مأزق الذات بين الآخرية المخترقة والصياغة الذاكراتية المفتعلة تواشيح الورد أنموذجا


http://www.dalilmag.net/images/white.gif
http://www.dalilmag.net/pic/VAR.jpg
http://www.dalilmag.net/images/white.gif
مأزق الذات بين الآخرية المخترقة والصياغة الذاكراتية المفتعلة
تواشيح الورد أنموذجا
غزلان هاشمي
جامعة محمد الشريف مساعدية
الاستاذة غزلان هاشميمنى بشلمأسهمت التحولات الواقعية في تشكيل الوعي الجمالي آنياً، فمع الاختراق الذي طال المجتمع وبنيته الفكرية، تم تهديم المرتكزات الأساسية، وفي أحسن الأحوال تهديدها بالزوال. وفق ذلك حاولنا محاورة رواية "تواشيح الورد" للروائية الجزائرية الأستاذة منى بشلم، والتي طرحت فيها قضية شائكة، حيث الآخر يهدد الاعتبارات الداخلية ويتموضع في مخيلتنا باعتباره رمزاً للخطر، بسبب تشويشه الزمن الواقعي أو ما تعتبره الذات الزمن الأصيل، وبسبب تهديد الهوية من خلال اختراقات مضبوطة السبك، وللرواية قرءاتها المختلفة، إذ تشي بالتوتر الواقع ومأزق الذات بين الهوية الثابتة والهوية المتعددة من هنا نتساءل: ما الذي أرادت الرواية طرحه؟
ملخص الرواية:
قبل تقديم قراءة في رواية "تواشيح الورد" وجب وضع ملخص لتمكين القارئ من الإحاطة بملابساتها، والرواية تروي هنا تفاصيل واقعية للبطلة "شهد"، التي تكون شاهدة على الكثير من متعلقات الأمور وخفاياها، حيث تعيش تأزما نفسياً بسبب دخيل يحاول تدمير حياتها وإعادة تشكيلها من جديد وفق معطياته الخاصة، إذ يسيّج الشك والريبة حياتها الزوجية، فإيناس تمدها بأخبار زائفة عن زوجها الطبيب يحيى، حتى تربك حياتها، ليظهر "كمال" المحرك الأساسي لهذه اللعبة في شكل منقذ، إلاّ أن شهد وبعد سلسلة من الأحداث، ورغم كل الإحراجات التي وقعت لها بسبب تشويه سمعتها، تحاول تشكيل حياتها من جديد، فتجد تفسيرات لمختلف الوقائع الحاصلة قبلياً، لتكون هي أصل الرواية ومنجزها، حيث تتخلص من الاعتبارات الدخيلة ـ حملات التبشير التي حملت رغبة مبيّتة لتهديم بنية المجتمع ومرتكزاته الأساسية ـ ، وتواصل بناء المسار السردي من جديد حينما تتسلم ترتيب العلاقة بين الأنا والآخر.
 
العنوان: يتشكل العنوان من لفظتين، فالتواشيح  من التوشح وهو أن يلبس الثياب على شاكلة مغايرة عما هو مألوف، حيث يدخل تحت الإبط الأيمن ويُلقى على المنكب الأيسر وكأنه في صورة مِحْرم، وبقدر ما توحي الطريقة بالقداسة، فإنها تشي بالتلقائية واللامبالاة وعدم التركيز والتسرع في نواحي أخرى، ومن هذا المنطلق يتحول النص\الذات إلى منجز غير مركز بسبب عدم حَبْكِ اعتباراته ووجود دخيل ضمن حدوده، وحتى وإن ادّعى القداسة في تموضعاته، فإنه يظل رهين التشتت، بل إن هذا التشتت والتبعثر هو ما يشكل قداسته، وقد جاءت في صيغة جمع تدليلاً على التعدد، إذ الهوية الملتبسة سِمَتها التعدد بسبب رفضها لمركزية المعنى أو مركزية حضور الذات في المسار السردي والواقعي. وأما "الورد" فيحمل دلالة الجمال والحب والفرح والانشراح والانتشار والخير، وبرغم ما يحمله من اعتبارات إيجابية، فإنه يتحول إلى دلالة الحزن والفراق في ثقافات أخرى وذلك في حالات الوفاة والعزاء، من هنا تتراوح الذات\النص بين الفرح والحزن، وكأن هويتها المتداخلة لا تتيح للقارئ أن يصل إلى حقيقتها، أو كأنها تريد جعله على حدود التماس بين الزمنين المفارقين تعبيراً عن التأزم ومحاولة التأقلم في احتواء كل الاعتبارات على اختلافها. 
 
الآخر كهوية ملتبسة:
يطرح النص قضية شائكة وهي محاولة الآخر ضرب الاعتبارات المركزية للمجتمعات العربية الإسلامية، وذلك بتشويش ذاكرته وإعادة صياغة مرتكزاته وفق تطلعاته، ولأنه "استطاع أن يغيّر شكل العالم ويدخل في تركيب كثير من الثقافات الأخرى بقدرٍ ربما فاق ما دخل في تركيبه هو من عناصر ثقافية قادمة من أجزاء العالم المختلفة" (1)، فإن مأخذ الظن ذهب به إلى اعتبار الآخر ـ بالنسبة إليه ـ  مكوناً مساعدا على وجود الذات لا كياناً مستقلاً يملك استحقاقية الوجود المتجاور، و"ضمن هذه المحددات يمكن القول إن مفهوم الآخر ينطوي في الغالب على فهم جوهراني للذات، أي أن الذات وهي تحدد آخرها، ترى نفسها هي الأساس الذي تصدر عنه المعايير التي يمكن من خلالها تحديد من هو الآخر وكذلك موقع ذلك الآخر في سلم القيم" (2). وهذا هو ما يرتب علاقة كل ذات بآخرها.
 
إذن وتطبيقاً لما قلناه يتحول الآخر في ذاكرة النص إلى مكون هامشي يتهدد مركزية الذات، ويشي بتهديم بنيته وتهشيم زمنه والقضاء على استقراره، حيث يدخل كاعتبار يلفه الغموض والريبة ولا يتحدد موضعه من الذات إلاّ بوصفه دخيلاً مرفوضاً، فكمال الذي يتموضع داخل النص متخذاً مركزية محددة، من خلال مثوله في زمن السرد باتخاذ حيز كبير، لا يظهر إلاّ وفق ملامح باهتة وضمن اعتبارات زمنية يشوبها الارتياب، ومن ثمة فالافتراض القائل بأن الآخر/كمال يكمل الذات ويشغل هويتها المنتقصة، يقابله شعور هذه الذات بالخطر وعدم الارتياح والريبة من وجوده، وهذا الشعور ينتج أساساً من عدم تمكن الذات/شهد من رفع الالتباس عنه وجهلها به، ولأن "كمال" يحمل معنى التتمة ومنتهى الأمور، فإن الذات تتموضع في إطار من الانتقاص نظراً للتعالي الذي يمارسه الآخر عليها، حيث الفوقية تحدد مساره وانوجاده، وفي هذا زعزعة لثقة الذات في اعتباراتها الخاصة. ومن هنا، فشهد ستكون شاهدة على هذا الانحدار بمستوى الأنا ناحية التجاهل حتى يشغل كمال حيز حياتها، ويعيد تشكيلها من جديد وفق اعتباراته الخاصة. وتبدأ هذه العملية من اللحظة التي يحاول كمال فيها خلخلة حياة شهد، ببث الريبة والشك، "لا أحد.. أتسمعين، لا أحد أبداً قد يعينك على دينك. ولا حتى زوجك الذي اخترت لأجل الديانة، ستأتيك الأيام بخبر يقين، كل المتدينين يتملقون، يتظاهرون، ينافقون، سيرحل مع أول عاهر تبتسم له، إنه لم يتمكن وحسب مما تخالينه فُسوقاً، عند أول فرصة ينقلبون، هل أذكر لك أسماء من حيّك، جيرانك الذين كانوا ملتزمين وانقلبوا.. هل أذكر الأسماء"(3) .
 
وحتى"إيناس" حينما تظهر داخل لحظة الذات، لتربكها وتشوش تركيزها وتغير نمط تفكيرها أو اعتباراتها الشخصية تحاول ضرب مراكز التفكير الأولي أو المرجعيات التي أسهمت في خلق وعيها من خلال الدخول كشريك في"المدرسة،الماضي،البداية "، تقول واصفة هذه اللحظة "يوم إلى الغد خلتني أسوقها، وإلى جرف من لهب تسير أقدامها، أدخلتها مدرسة كنت بها أنا طالبة، وبالإدارة صارت متدربة، قال المدير إن إكراماً لإطلالتي هو سيبقيها إن جادت مواهبها، وعدّته انبهاراً، وبالغاً من إعجاب، فهي. كما أعرفها الفن في كل أداء، وهي إصغاء متأنٍ، وروح ومرح. صديقتي إيناس"(4) . وتوضح الكاتبة زمن اختراق الذات، من خلال إشراك إيناس في سر حياة الحكاية ومركز كمونها، حيث البوح يتحول إلى متعلق ثنائي بعد أن كان أحادياً خاصاً بالذات وحدها "في انصرافنا سألتني إيناس عن هذا الزوج، فخبرتها عن الرجل الحلم، الذي أراقبه من بعيد، لا أجرؤ حتى على مواجهة عيونه، أخاف أن يقرأ حروفي المستترة اليسير افتضاحها، فأفر من اللقاء والنظرة. محض صدفة التقيت به، قبل أيام وجها لوجه، ولم أجد مفراً من طرق الحديث، كان عذباً، كان بطعم الولاء، وكاد.. كاد يقرؤني يحيَى لولا رفيقات سحب وصولهن لحظة الغوص فيه، جانبته وأمتعت النظر بالتطلع نحوه دون أن يلحظ. فيعرف"(5) .
 
تظهر في الرواية آخرية مغايرة عن آخرية إيناس وكمال، إذ تتخذ موضعية مجاورة تبتعد فيها حدود الالتباس، ومن هنا فالعلاقة تتجه نحو التقبل الإيجابي الذي يحترم حدود الاختلاف ويشي بزمن قادم هو زمن التعدد المنبني على احترام المغايرة، هذا الاحترام لا يتأسس إلاّ حينما يتم الاعتراف بخصوصية كل ذات، وتنتفي كل محاولات الطمس والإقصاء، فـ "آبي" تمثل مستقبل العلاقة المتوقعة بين الأنا والآخر، فهي تساعد شهد دون محاولة لتشويش اعتباراتها، حيث تنتهي إلى تقبل اختلافاتها واحترام هويتها، لذلك تنظر إليها شهد على أنها الملاك الذي حمى وجودها وحفظ لها استقرارها، ولربما هي نبوءة الاكتمال المفترض، إذ لا أنا دون آخر، ويتحدد هذا الأمر في نهاية الرواية حينما تقول الكاتبة: "يا الله طالما كان كمال يمتلك هذه الجوهرة ماذا أراد مني. يا الله أعنها وأدخلها في رحمتك، لا يكف فكري دورانه حول هذه الحكاية"(6) . إذن، فشهد تستغرب أن كانت حدود علاقة الذات بالآخر قديماً ملتبسة يسيجها الإحساس بالخطر، وتسأل لماذا بدل نشر لغة العداء والتهميش والإقصاء حتى يحل الآخر محل الأنا ويقضي على خصوصياتها، لم يتم البحث عن صيغة اكتمال مغايرة من منظور التجاور المفضي إلى المساواة واحترام كل ذات مغايرها دون محاولة طمس هويته واختلافه.
 
الرموز الدينية حينما تتحول إلى مستحضرهوياتي:
تقوم رواية "تواشيح الورد" باستدعاء الرموز الدينية من أجل التعبير عن اعتبارات واقعية أو سد ثغرات المكوّن الوجودي الآني، فبين يَحيَى ومريم وزكرياء يتشكل هاجس المماثلة، وتتموضع الذاكرة ضمن مسارات الوجع، إذ الحقيقة الدينية واحدة لكنها تواجه بحقائق مزيفة أو زمن يحتفي بالالتباس، ويحاول أن يقحم الذات في اختلاق محايث. إن هذه الشخصيات تتموضع بشكل عكسي، حيث تكون في شكل هرمي مقلوب حال ترتيبه بالنظر إلى الزمن الديني، وكأن الكاتبة تشير إلى انقلاب الحقائق المتعالية وزمنها الثابت، ليكون الزمن الموالي تعبيراً عن الحقائق المنجزة أو النسبية التي يصعب حصرها ضمن دائرة الثبات واليقينية، وهذا ما يؤكد تشتت الذات وضياعها بسبب انقلاب القيم. إذن " يَحيَى" وهو الذي يحمل رمز الحياة، أو استمرارية الحقيقة الدينية يمارس أبويته على زكريا ومريم، بعد أن يعاني من وهم العقم المتخيَل أو المصطنع من قبل الآخر، ومن هنا يتحول زكريا ومريم من صانعين للمعجزة إلى موضوع للمعجزة في حد ذاتها، حيث يظهران رغم كل الاختلاقات المصاحبة والتي تحاول تشويش الذاكرة وتهديم مرتكزات الزمن الديني، ورغم كل المحاولات التي تسعى إلى توجيههما ناحية العدم. ومن خلال المسار السردي يتضح أن "يَحيَى" هو من سيحيي نبوءة التمكين للزمن الأصيل، أو العودة إلى منبع الحقيقة الصافية، لذلك يشير وجود زكريا ومريم إلى عودة حتمية إلى النص الأول/التاريخ/الحقيقة الدينية الصافية، وهي عودة يسمها بالمعجزة، بل ويبشّر باستمرارية هذه الحقيقة في زمن المستقبل.
 
الحقيقة بين الاحتمالية المتعددة والواقع المخترق:
تعكس الرواية واقعاً متذبذباً، فبطلة الرواية شهد تفقد ارتباطها بالحقيقة حينما تغيب مرجعياتها الأصيلة " يَحيَى"، وتحول مدركاتها ناحية الاحتمالية والشك، هذا ما يؤسس وعياً يراوح بين اليقين واللايقين، وتؤرخ الكاتبة بداية هذه المراوحة المربكة بمحاولات كمال وإيناس إدخالها في ذلك التحدي الموهوم، في قولها "نظراته وإيناس تستر ألغازاً أطيل التمعن [بها] ولا أجد الحلول، تكشف العبارات أخيراً ما سترت العيون، يريد المراهنة على صبر "يَحيَى"،  ثلاثة أشهر يقابل فيها مومساً، تُراه يصبر أم يزيغ كما زاغوا قبله. يصرخ الرفض مني أن لا تقرباه"(7) .
 
إذن، "يَحيَى" الذي يملك واقع الحقيقة كما هي، ويملك تفسيراتها يحاول أن يطبب شهد وأن يعالج اعتباراتها ويوجهها ناحية الإجابة عن أسئلة الذات وانشغالاتها، بل إنه لا يعترف بعقم آماله إزاء التغيير والاستمرار ضمن مسار الوضوح، وإنما يطرح ممكناته ويلم شتات وعي شهد التي تعمق من ضبابية الرؤية بريبتها المستمرة وعدم إيمانها بقدراتها الشخصية في توليد أمل الوصول. إن "يَحيَى" يسعى جاهداً ليحيي الحياة الأصيلة في نظر القارىء وفي وعيه، لذلك يقوم طيلة زمن السرد بجبر كل الكسور التي أنتجها الاختراق المستمر من قبل الدخلاء.
 
إن ترجمة ما قلناه في واقع الجزائر يأخذنا إلى التأكيد على صيغة التعايش، فبعد أن كانت مرحلة ما بعد الاستقلال تشهد رفضاً كبيراً للآخر واختلافاته وتهجس بتموضعاته الاستبدادية في ذاكرة المخيلة الجماعية، فتحاول طرد اعتباراته ناحية التجاهل والإقصاء، تبدأ في التخفف من هذا الوعي، حيث يشكل الاختراق صدمة في بداية الأمر تحت عنوان المؤامرة والخيانة، وهو ما يجعل شهد ترفض كل منحة مقدمة من قبله برغم اشتباك الظروف، لكن في نهاية الرواية تلعب دور المكمل بعد أن تقترب من لحظة كمال/الارتياب، ولربما لتحاول تركيب الحقيقة من جديد وصنعها بذاتها دون تدخل الآخر، من هنا تتقبل شهد الآخر لا كعنصر فاعل وهي مفعول به، وإنما العكس، بعد أن تتمكن من امتلاك تفسيرات الآخر ومراقبة أحواله ومشاهدته يتقهقر ويضمحل بمسبباته الشخصية، إذن فشهد تعيد ترتيب الحقائق وفق مدركاتها الخاصة ووفق واقعها المَعيش، فحتى وعيها بالآخر يتحول من مسيطر إلى منجز ذاتي يتموضع داخل الأنا في إطار من التقارب. تقترب شهد من حقيقة الآخر بكل شجاعة وتتقبله لا كمخترق مركزي، وإنما كمكون وجودي يدخل ضمن حدود الذات ويعزز من هويتها ووعيها بنفسها. "إيناس" نصف الحقيقة المغيبة التي نرفض الاعتراف بها، هي الوجه الثاني للذات أو ما تحاول هذه الذات إخفاءه فيما وراء البوح، تظهر بصورة مؤنس يحمل في طياته ارتباكات الهوية ، ويشي بزمن تتعدد فيه الأصوات، لكنها تسيّج بالرفض في لا وعي الذات لذلك "كانت"، هكذا تصفها القاصة، فطردها ناحية المغيب هو رفض لهذا التمظهر الجديد بمسارات التعدد والمجاورة، إذ يجب أن تظل الذات وحقيقتها الأحادية داخل زمن السرد والواقع لا حقيقة مغايرة تجاورها وتذكرها بارتباكاتها، "أرأيت إن كانت ناراً، أرأيت إن كانت بين النفس والجسد، أو رأيت إن كان القلب وقودها، وأنثى لهيبها. إن كانت في انكسارة زمن يُفجَع بعد العين بالأثر، وبكاء على البسمات والحلم، ثم هي نصف امرأة، نصف شيطاني، نصف آدمي، ثم تتكون امرأة واسمها بين الشفة والشفة، نصف ابتسامة وحسرة، دمعة وذكرى لرفيقة هي بين الأمس والغد، الأمل ورسم، لكن لنار تتقد"(8) . إذن الحقائق تتصادم وتتعارض المكونات الوجودية داخل الذات" موضعية الأنا/شهد وموضعية الآخر/إيناس"، فبعد أن تطرح إيناس نفسها كمستقبل بديل "وأني. قالت المستقبل من عمرها، والآتي"(9)  ، تستيقظ شهد على كونها ناراً محرقة تهدد اعتباراتها بالزوال، فالآخر لا يمكن أن يحتوي الذات ويستولي على لحظتها كاملة دون أن يدمر خصوصياتها أو يشوش صياغتها.
 
بعد أن قدمنا قراءة في رواية "تواشيح الورد" خلصنا إلى جملة نتائج أهمها:
ـ تعكس الرواية واقعا آنيا حدوده التشويش والإرباك والالتباس بسبب دخلاء حاولوا زعزعة نظام المجتمع وتهديم مرتكزاته.
 
ـ تطرح رواية تواشيح الورد علاقة الأنا بالآخر، وتقدم تنويعات مختلفة عن هذه العلاقة، إذ منها ما يظهر مُسيّجاً بالخطر لتعمّده تهديم القيم السائدة ـ كمال وإيناس ـ، ومنه ما يظهر مُسيّجاً بحدود الاعتراف حينما يتخلى الآخر عن عنصريته ويحترم التجاور والتعدد والاختلاف ـ آبي ـ .
ـ استعملت الكاتبة رموزاً دينية وفي ذلك اعتراف بالحدود الثابتة لهوية الذات ورفضاً لممارسة الاختراق عليها، ومحاولة لاستجلاب عناصر الموروث الديني دعوة للامتداد زمن المستقبل.
 
ـ الحقيقة لا كما نتصوره نحن وإنما تتحول إلى صياغة مؤدلجة ترمي إلى توجيه مدركاتنا نحو تمثل معطيات محددة والإيمان بها حد التسليم الكلي، ومسارات الرواية كلها تشي بهذا الأمر، لأنها أعادت تفسير الوقائع لا كما هي مصطنعة في متخيل البطلة شهد أول الرواية وإنما كما هي واقعة مؤكدة. 
 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1)سعد البازعي: شرفات للرؤية.ص166.
2)سعد البازعي: الاختلاف الثقافي وثقافة الاختلاف.ص36. 
3)م.ص.ص17. 
4)منى بشلم: تواشيح الورد.ص10. 
5)م.ن.ص11. 
6)م.ن.ص201. 
7)م.ن.ص17. 
8)منى بشلم: تواشيح الورد.ص9. 
9)ن.م.ص9. 



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

د.رابح طبجون : اللغة في رواية تواشيح الورد لمنى بشلم

منى بشلم في حديث لـ "العرب اليوم" لغتي الشاعرية تزاوجت بقصة حبّ افتراضية

قراءة في قصة "سراديب القدر"